شهد استخدام البروبيوتيك في الآونة الأخيرة انتشارًا لافتًا لعلاج العديد من المشكلات الصحية، حيث تنوعت سبل الحصول عليه إما من خلال تناول أطعمة معينة أو في صورة مكملات غذائية دوائية. فما هي فوائد البروبيوتيك الصحية والعلاجية المتوقعة؟
ما هي البروبيوتيك؟
توجد بمناطق معينة من جسم الإنسان كالأمعاء وتجويف الفم سلالات من البكتيريا التي تتعايش في هذه المناطق بشكل طبيعي. حيث تعمل على الحفاظ على درجة الحموضة والقاعدية أو ما يعرف بالأس الهيدروجيني (PH)، مما يسهم على نحو مباشر في الحفاظ على صحة الأماكن التي تتواجد بها هذه البكتيريا. تعرف هذه البكتيريا علميًا باسم "البروبيوتيك" (Probiotics) أو البكتيريا النافعة. [1]Expert consensus document. The International Scientific Association for Probiotics and Prebiotics consensus statement on the scope and appropriate use of the term probiotic: … Continue reading
هناك العديد من الأنواع لهذه البكتيريا النافعة، لعل أهمها العصيات اللبنية (Lactobacillus) والخميرة السكرية (Saccharomyces boulardii). ومن الجدير بالذكر أن وجود البروبيوتيك أو البكتيريا النافعة يعمل على خلق حالة من التوازن البكتيري الذي يتضمن الحد من وجود سلالات البكتيريا الأخرى التي قد يتسبب زيادة أعدادها في الإصابة بالعديد من المشكلات الصحية كقرح الفم والتهاب القولون وعسر الامتصاص.. إلخ. [2]Williams, N. T. (2010). Probiotics. American Journal of Health-System Pharmacy, 67(6), 449-458.
تساعدك مكملات البروبيوتيك على زيادة كميات هذه البكتيريا النافعة، وأهم الأنواع التي سترغب في زيادتها هي: باكتيريا حمض اللبنيك (Lactobacillus) وبيفيدوباكتيريوم (Bifidobacterium). معظم الناس يعلم عن البروبيوتك أنها:
- تعزز من عمل الجهاز الهضمي
- تقلل من الالتهابات في الجسم
- تساعد في حالات الانتفاخات والغازات
- تحارب مسببات المرض وتدعم الجهاز المناعي
- تُصنّع فيتامينات كالبيوتين وفيتامين كـ
- تهضم الألياف
تستخدم مكملات البروبيوتيك لهذه الأسباب في العادة، وعادةً ما يتناولها الكثير لعلاج القولون العصبي وحالات الإسهال. ولكن، فوائد البروبيوتيك تفوق هذه هذا بكثير.
مصادر الحصول على البروبيوتيك
يمكن الحصول على البروبيوتيك في صورة مكملات غذائية دوائية. وعلى الجانب الآخر يوجد مصادر غذائية للبروبيوتيك يمكن وضعها بعين الاعتبار، مثل: [3]Sanders, M. E. (2008). Probiotics: definition, sources, selection, and uses. Clinical infectious diseases, 46(Supplement_2), S58-S61.
- اللبن الزبادي (الأكثر شيوعًا)
- بعض أنواع الجبن
- الخضروات المحفوظة بطريقة التخمير، كما في أوراق الملفوف التي يتم إعدادها وحفظها بهذه الطريقة
- المخللات الحامضة
- الطحالب الخضراء
- الشيكولاتة الداكنة
الفرق بين البروبيوتيك والبريبيوتيك
البروبيوتيك Probiotics هو في واقع الأمر عبارة عن بكتيريا نافعة تتعايش بشكل طبيعي في مناطق معينة بالجسم كالأمعاء وتجويف الفم، بهدف الحفاظ على التوازن البكتيري بهذه المناطق ومنع حدوث الأمراض.
على الجانب الآخر، فإن البريبيوتيك Prebiotics هي عبارة عن ألياف غذائية تتواجد في الفواكه والخضروات لا يستطيع الجسم هضمها. لذا، تمر إلى الأمعاء كي تصبح غذاء للبروبيوتيك. وهو ما يعني أن البريبيوتيك تعد مطلبًا أساسيًا لضمان نمو وازدهار البكتيريا النافعة (البروبيوتيك) في الأمعاء. وبناءً عليه، ينصح بالاهتمام بتناول الفواكه والخضروات الغنية بالألياف الغذائية بهدف تغذية البكتيريا النافعة الموجودة بالأمعاء. [4]Lee, Y. K., & Salminen, S. (2009). Handbook of probiotics and prebiotics. John Wiley & Sons.
تناول الأطعمة التي تحتوي البريبيوتيك يعزز وجود البكتيريا النافعة، فهي تحب تناولها. من أشهر الأمثلة: الثوم، البصل، الهليون، الكراث، الهندباء، الخضروات المستزرعة.
فوائد البروبيوتيك الصحية والعلاجية
هناك أنواع مختلفة من البروبيوتيك تبعًا لسلالات البكتيريا النافعة الموجودة بها، وبشكل عام تختلف فوائد البروبيوتيك الصحية والعلاجية باختلاف البكتيريا المكونة لها، فضلًا عن موضع تعايش هذه البكتيريا بجسم الإنسان. يمكننا إيجاز فوائد البروبيوتيك فيما يلي:
1. تعزيز الحالة الصحية للجهاز الهضمي
يساعد البروبيوتيك على تثبيط نمو البكتيريا الضارة في القناة الهضمية بشكل عام، والأمعاء بشكل خاص، مما يخلق حالة من التوازن بين البكتيريا النافعة والضارة. تعمل هذه التأثيرات على الوقاية من العديد من أمراض الجهاز الهضمي، منها على سبيل المثال لا الحصر: الإسهال المزمن، الإمساك المزمن، داء كرون، التهاب القولون التقرحي، أمراض الأمعاء الالتهابية، جرثومة المعدة، سرطان القولون... إلخ.
وعلى سياق متصل، فإن البروبيوتيك عنصر هام وضروري لضمان صحة وسلامة الحركة التمعجية لكامل القناة الهضمية، مما يحسن من عمليات هضم وامتصاص الطعام على نحو فعال. [5]Pace, F., Pace, M., & Quartarone, G. (2015). Probiotics in digestive diseases: focus on Lactobacillus GG. Minerva gastroenterologica e dietologica, 61(4), 273-292.
2. علاج حالات الإسهال ذات المنشأ البكتيري
تتضمن التدابير العلاجية الدوائية لحالات الإسهال استخدام المضادات الحيوية الدوائية بهدف القضاء على البكتيريا المسببة للمرض. على الرغم من الفاعلية العلاجية التي تحظى بها هذه الأدوية، إلا أنها على الجانب الآخر تتسبب في تدمير البكتيريا النافعة الموجودة بالأمعاء، مما يؤدي إلى اختلال التوازن البكتيري الموجود بالأمعاء. [6]The pervasive effects of an antibiotic on the human gut microbiota, as revealed by deep 16S rRNA sequencing: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/19018661/
تؤكد الدراسات الطبية على أن استخدام مكملات البروبيوتيك كإجراء علاجي مساعد يسهم في علاج الإسهال دون إحداث أي خلل بالتوازن البكتيري بالأمعاء، كذلك ولنفس السبب، يوصى باستخدام البروبيوتيك كإجراء وقائي لتجنب حدوث الإسهال من الأساس، ولاسيما في الأشخاص الأكثر عرضة للإصابة بالإسهال. [7]Guandalini, S. (2011). Probiotics for prevention and treatment of diarrhea. Journal of clinical gastroenterology, 45, S149-S153.
3. تعزيز الكفاءة الوظيفية للقلب
خلصت العديد من الدراسات إلى حقيقة مدهشة، مفادها أن من فوائد البروبيوتيك خفض مستويات الكوليسترول والدهون الثلاثية بالدم، مما يساعد على خفض ضغط الدم ضمن المعدلات الطبيعية. فضلًا عن، تعزيز الحالة الصحية لعضلة القلب والوقاية من الإصابة بالجلطات أو تصلب الشرايين. [8]Thushara, R. M., Gangadaran, S., Solati, Z., & Moghadasian, M. H. (2016). Cardiovascular benefits of probiotics: a review of experimental and clinical studies. Food & function, 7(2), … Continue reading
4. علاج السمنة
يوصي خبراء التغذية بتضمين البروبيوتيك في النظام الغذائي المتبع لخفض وزن الجسم، وذلك لأنه يعزز من عمليات هضم وامتصاص الطعام بشكل صحيح، مما يؤخر الشعور بالجوع. كذلك يساعد البروبيوتيك على حرق الدهون وزيادة معدلات الأيض والتمثيل الغذائي بالجسم. [9]Park, S., & Bae, J. H. (2015). Probiotics for weight loss: a systematic review and meta-analysis. Nutrition research, 35(7), 566-575.
5. تقوية المناعة والحد من الالتهابات
يساعد الاستخدام المنتظم للبروبيوتيك على تعزيز الكفاءة الوظيفية للجهاز المناعي، وتثبيط العديد من التفاعلات الالتهابية التي قد تسبب الضرر والتلف لأنسجة الجسم وخلاياه. لذا، يستخدم البروبيوتيك على نطاق واسع في علاج العديد من الأمراض الجلدية ومشكلات فرط التحسس. [10]Mengheri, E. (2008). Health, probiotics, and inflammation. Journal of clinical gastroenterology, 42, S177-S178.
6. تحسين الصحة النفسية
يوجد علاقة طردية تثبتها الدراسات بين صحة الجهاز الهضمي والصحة النفسية، حيث أن ظهور أي مشاكل في الجهاز الهضمي أو عملية الهضم يؤثر بحالتك النفسية. وقد وجدت عدة دراسات أن من فوائد البروبيوتيك تحسين اضرابات الصحة النفسية والعقلية مثل الاكتئاب والقلق والتوتر والذاكرة. [11]A randomized controlled trial to test the effect of multispecies probiotics on cognitive reactivity to sad mood: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/25862297/ [12]Effect of Probiotics on Central Nervous System Functions in Animals and Humans: A Systematic Review: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/27413138/ [13]The effects of probiotics on mental health and hypothalamic-pituitary-adrenal axis: A randomized, double-blind, placebo-controlled trial in petrochemical workers: … Continue reading
7. تزيد من جودة النوم
فائدة أخرى من فوائد البروبيوتيك أنها تساعدك في الحصول على فترة نوم عميقة صحية، حيث أن الميكروبات في الجهاز الهضمي تصنع الأحماض الأمينية التي يمكن تحويلها إلى الميلاتونين. ويساعد الميلاتونين على تنظيم دورة النوم والاستيقاظ.
8. تساعد في حل علاج حب الشباب ومشاكل الجلد
التوازن بين البكتيريا النافعة والسيئة في جسمك مهم عندما يتعلق الأمر بإدارة مشاكل الجلد مثل حب الشباب. وللأسف، أحد الأخطاء الشائعة عند علاج حب الشباب هو استخدام المضادات الحيوية التي تقتل تلك البكتيريا النافعة إلى جانب البكتيريا السيئة. يؤدي هذا إلى الإضرار بصحة بشرتك في كل الأحوال، فهي مرآة لصحة جهازك الهضمي.
9. تقليل رائحة الجسم
رائحة الجسم قد تكون علامة أو عرض خارجي على عدم التوازن داخل جسمك. وإن كنت لا تعرف، فإن باكتيريا اللبن المحبة للأحماض (Lactobacillus) تعد من مزيلات راحة الجسم الطبيعية. تزويد جسمك بكميات مناسبة من هذه البكتيريا النافعة سيخلق جو من التوازن، الأمر الذي سيصلح العديد من المشاكل داخل جسمك، ومن أهمها رائحة جسمك. [14]Benefits of Probiotics That You Never Considered: https://www.drberg.com/blog/benefits-of-probiotics-that-you-never-considered
كيف تختار مكمل البروبيوتيك الأفضل؟
فوائد البروبيوتيك الكثيرة تجعل الاهتمام بوجود هذه البكتيريا النافعة بكميات مناسبة تدعم صحتك أمرًا ضروريًا، ومن أفضل الطرق هي تناولها على شكل مكملات غذائية. إليك بعض النقاط التي يجب أن تنظر لها عند اختيارك لمكمل ذو جودة عالية:
- ابحث عن مكمل بروبيوتيك على الشكل السائل
- اختر مكمل يحوي عدد كبير من هذه البكتيريا النافعة، وذلك بسبب أن حمض المعدة يمكن أن يتلف العديد منها عندما تصل للمعدة
- اقرأ مكونات المكمل، وابحث عن المكمل الذي يحوي عدد كبير من السلالات، ومن أهم ما يجب أن يحتويه: Lactobacillus وBifidobacterium
- لا تشتري غير المكملات التي تستخدم مكونات طبيعية
إرشادات قبل تناول البروبيوتيك
استخدام البروبيوتيك آمن تمامًا سواء كانت في صورة مكمل غذائي أو من خلال الأطعمة. لكن، في حالات نادرة جدًا قد يتسبب تناول البروبيوتيك في ظهور بعض التأثيرات السلبية الجانبية، وتشمل: [15]Snydman, D. R. (2008). The safety of probiotics. Clinical infectious diseases, 46(Supplement_2), S104-S111.
- خلال الأيام الأولى من بدء استخدام البروبيوتيك قد يشكو البعض من غازات البطن والشعور بالانتفاخات. وهو أمر يسير لايستدعي القلق، حيث تختفي هذه الأعراض تلقائيًا خلال أيام قلائل. في حالة استمرار هذه الأعراض لمدة أسبوع دون تحسن، يرجى مراجعة الطبيب المختص.
- تشير بعض التقارير إلى أن الاستخدام المفرط للبروبيوتيك قد يتضمن الإصابة بالعدوى البكتيرية أو حدوث مقاومة للجسم نحو أنواع معينة من المضادات الحيوية. ولتجنب حدوث ذلك، ينصح بعدم الإفراط في استخدام مكملات البروبيوتيك، مع مراعاة أن يتم استخدامها تحت إشراف طبي متخصص.
وعلى الرغم من أن استخدام مكملات البروبيوتيك آمن تمامًا، إلا أنه ينصح بمراجعة الطبيب قبل الاستخدام في الحالات المرضية التالية إذا كنت تأمل في الحصول على فوائد البروبيوتيك: [16]Foligne, B., Daniel, C., & Pot, B. (2013). Probiotics from research to market: the possibilities, risks and challenges. Current opinion in microbiology, 16(3), 284-292.
- الأشخاص الذين يعانون من أمراض ذات منشأ مناعي
- المصابين بالأورام السرطانية
- الأطفال الرضع وصغار السن من هم دون 3 سنوات
- أثناء مرحلة الاستشفاء والتعافي عقب الخضوع لعملية جراحية كبرى
- التهاب البنكرياس الحاد
نصائح عند البدء في تناول مكملات البروبيوتيك
عند بدء تناولك مكملات البروبيوتيك احرص على أن تتناولها بجرعات قليلة أولًا، ثم زد تدريجيًا. وفي حال وجدت نفسك تعاني من أي آثار جانبية، فقلل الكمية أكثر حتى يعتاد الجسم عليها.
أفضل وقت لتناول مكملات البروبيوتيك هو قبل النوم، حيث أنه يمكن لجسمك معالجة أي ردود فعل أثناء النوم دون أن تعلم عنها. بالإضافة إلى أنه يساعدك في الحصول على نوم عميق.
ختامًا، لتحصل على فوائد البروبيوتيك، عليك تناوله -سواءً كمكملات أو مصادر طبيعية- بكميات كافية، فيمكن أن تُدمر العديد منها بواسطة حمض المعدة. غالبًا ستجد أن معظم الدراسات التي تثبت فوائد البروبيوتيك أنهم قد استخدموا جرعات تتراوح بين مليار إلى 100 مليار كائن حي CFU بشكل يومي.
المراجع