هل تساءلت يومًا ما عن مصير الغذاء الذي تتناوله، وأين يذهب بعد امتصاصه؟ الكربوهيدرات والدسم والبروتينات والعناصر المعدنية والفيتامينات بعد هضمها وامتصاصها، جميعها تتحول في خلايا جسدك إلى طاقة ضرورية لكافة العمليات الحيوية من نمو وبناء وغيرها. من خلال ما يسمى بـ "التمثيل الغذائي"، كما يشرف على سرعة هذه العملية مجموعة من الأنزيمات التي تنسق بين تخزين الطاقة واستهلاكها. فما هي عملية التمثيل الغذائي، وهل هي ضرورية لصحة أجسامنا؟
عملية التمثيل الغذائي Metabolism
التمثيل الغذائي Metabolism أو ما يسمى بـ "عملية الأيض الغذائي" أو "الاستقلاب"، هو مصطلح يصف التفاعلات والتغيرات الكيميائية التي تحدث لمختلف المواد الغذائية داخل جسمك، وذلك بعد هضمها وامتصاصها. كل ذلك بهدف توفير الطاقة اللازمة للحفاظ على حياة الخلايا، وضمان سير وظائف الأعضاء والعمليات الحيوية بطريقة صحيحة وسليمة. [1]Metabolic pathways: http://cronus.uwindsor.ca/units/biochem/web/biochemi.nsf/18e8732806421826852569830050331b/7a371e9af805f74e85256a4f00538021/$FILE/Energy%20metabolism.pdf [2]Your No-Nonsense Guide to Metabolism: https://healthtalk.unchealthcare.org/your-no-nonsense-guide-to-metabolism/ [3]Metabolism and Nutrition: https://openstax.org/books/anatomy-and-physiology/pages/24-introduction
أهمية التمثيل الغذائي لصحة أجسامنا
إن كل ما يحدث لديك الآن، من نمو سليم وتفكير منطقي وحركات منسقة وغيرها من العمليات الحيوية، هو نتاج لتفاعلات عملية التمثيل الغذائي. للتمثيل الغذائي أهمية كبيرة، كما يوجد العديد من الوظائف والفوائد التي تقدمها عمليات التمثيل الغذائي السليمة لجسمك:
- إنتاج الطاقة وتخزينها على شكل ATP وفوسفات الكرياتين وغيرها، ما يضمن لك طاقة ثابتة ومستمرة طوال اليوم
- تخليص الجسم من الفضلات والمواد السامة والمواد الغريبة
- تصنيع المركبات الكيميائية الحيوية اللازمة لبناء الخلايا وتخزين مصادر الطاقة والحفاظ على سلامة وظائف الأنسجة والأعضاء
- تقليل مخاطر الإصابة بأمراض العصر كمرض السكري والزهايمر والسمنة وأمراض الكبد والقلب وغيرها
- التأقلم مع التغيرات الداخلية والخارجية في الجسم
- تحسين وظائف الدماغ وتعزيز الذاكرة
- زيادة القدرة على التحمل
- زيادة معدلات حرق الدهون
- حالة نفسية مستقرة وبشرة صافية
- تحسين الخصوبة والصحة الجنسية بشكل عام
- جهاز مناعة بأداء عالي
أنواع التمثيل الغذائي
تُقسم عمليات الأيض داخل خلايا أجسامنا إلى ثلاثة طرق تخزن فيها الطاقة أو تستخدمها:
1. تفاعلات البناء Anabolism
هي تلك التفاعلات التي تساهم في تصنيع المركبات اللازمة للبناء مثل البروتينات والجليكوجين والأحماض النووية والشحوم الثلاثية، وهي عمليات تحتاج إلى طاقة وتحدث إما بعملية البلمرة polymerization (إضافة جزيئات متشابهة من نوع واحد) ومن الأمثلة عليها تصنيع الجليكوجين من تتابع جزيئات الغلوكوز وكذلك تصنيع البروتين من تسلسل مجموعة من الحموض الأمينية. أو تحدث من خلال عملية الاستحداث (تصنيع مركب من مواد أخرى صغيرة غير مشابهة له) ومن الأمثلة عليها تصنيع الغلوكوز من مصادر غير سكرية وتصنيع الشحوم الثلاثية.
2. تفاعلات الهدم Catabolism
أما تفاعلات الهدف (التقويض) فهي التفاعلات التي تقوم بكسر وتجزئة المركبات الكبيرة إلى مواد أصغر مع تحرير الطاقة اللازمة للعمليات الحيوية في الجسم، ومنها تفاعلات أكسدة الحموض الدهنية وتفاعلات تحلل الغلوكوز.
3. التفاعلات مزدوجة الوظيفة
هي التفاعلات التي يحدث فيها تفاعلات بناء وتفاعلات هدم بشكل متناوب وتلعب دورًا كبيرًا في تكامل التمثيل الغذائي وتنظيمه. هذا وتعد دورة حمض السيتريك Citric acid cycle (دورة كريبس) أحد أهم الأمثلة للتفاعلات مزدوجة الوظيفة.
مقياس التمثيل الغذائي: معدل الأيض
معدل الأيض هو المعدل الذي يعبر عن مدى سرعة عملية التمثيل الغذائي في تحليل الطعام وتزويد الخلايا بالطاقة. يُقسّم هذا المعدل إلى ثلاث أنواع: [4]Metabolism: https://www.betterhealth.vic.gov.au/health/conditionsandtreatments/metabolism
1. معدل الأيض الأساسي BMR
يشير معدل الأيض الأساسي إلى كمية الطاقة التي يحتاجها جسمك للحفاظ على التوازن، ويمثل أكبر قدر من الطاقة المستهلكة خلال اليوم، ما يقارب 50% إلى 80% من طاقتك اليومية. حيث يمثل الطاقة التي يحتاجها جسمك ليعمل أثناء راحتك، كالتنفس وتنظيم نبض القلب ونمو الخلايا وتحسين مستوى الهرمونات... وغيرها.
يُحدد معدل الأيض الأساسي عن طريق الكتلة العضلية الخالية من الدهون؛ لأن الكتلة الخالية من الدهون تتطلب الكثير من الطاقة للحفاظ عليها. لهذا، ستجد أن أي شيء يقلل الكتلة الخالية من الدهون، سيقلل بدوره من معدل الأيض الأساسي. وهذا ما يجعل الحفاظ على الكتلة العضلية الخالية من الدهون أمرًا ضروريًا لتحسين عملية التمثيل الغذائي. يساعدك مقال بناء العضلات على بناء عضلاتك بشكل سليم.
يبلغ متوسط معدل الأيض الأساسي للرجل حوالي 7100 كيلوجول في اليوم. بينما عند المرأة، يبلغ متوسط المعدل حوالي 5900 كيلوجول في اليوم. ضع في عين الإعتبار أن استهلاك الطاقة مستمر، لكن المعدل يختلف على مدار اليوم. عادة ما يكون معدل استهلاك الطاقة في أدنى مستوياته في الصباح الباكر.
2. التوليد الحراري للغذاء
يستخدم جسمك الطاقة لهضم الأطعمة والمشروبات التي تتناولها، وكذلك يمتص وينقل ويخزن العناصر الغذائية. استخدامك هذا يرفع من معدل الأيض الأساسي بعد فترة قصيرة من بدء تناول الطعام. يمثل التوليد الحراري حوالي 5% إلى 10% من الطاقة المستهلكة في اليوم.
يختلف مستوى ارتفاع معدل الأيض الأساسي حسب الطعام المهضوم فتجد أن البروتين قد يرفع المعدل لحوالي 20% إلى 30% في عملية الهضم والامتصاص والتخزين، مقارنة بالكربوهيدرات (5%-10%) والتمثيل الغذائي للدهون (0%-5%). كما تجد أن الطعام الحار يمكن أن يولد تأثير حراري كبير في الجسم.
3. الطاقة التي تُستخدم في أثناء النشاط البدني
تشمل التمارين الرياضية كالجري وغيرها، كذلك الأنشطة اليومية التي نقوم بها كالمشي من مكان لمكان، والذهاب إلى الحمام أو اللعب مع الحيوانات الأليفة. ولكن، أثناء النشاط البدني القوي، قد تحرق عضلاتنا ما يصل إلى 3000 كيلوجول في الساعة.
يشكل استهلاك الطاقة في العضلات ما يقارب 20% من إجمالي إنفاق الطاقة أثناء الراحة. ولكن أثناء التمرينات الشاقة، قد يزيد بمقدار 50 ضعفًا أو أكثر. ويعد هذا القسم هو الشكل الوحيد لاستهلاك الطاقة الذي تستطيع التحكم به.
العوامل المؤثرة على معدل التمثيل الغذائي
قد يختلف معدل الأيض لديك عن المعدل لدى شخص آخر، وهنالك العديد من العوامل التي تحدد ذلك ومنها:
- بنية الجسم: أصحاب بنية الجسم العضلية القليلة الدهون يملكون معدل استقلاب أسرع من غيرهم.
- الجنس: غالبًا ما تكون هذه العمليات لدى الذكور أسرع منها عند الإناث نتيجة ضخامة كتلتهم العضلية وصلابة عظامهم.
- العمر: وذلك نتيجة فقدان الكثير من الدهون والكتلة العضلية مع تقدمنا في السن فإن التمثيل الغذائي يتباطأ بدوره.
- كمية الغذاء المتناول ونوعه: حيث تحتاج عملية هضم الغذاء وامتصاصه ونقله إلى طاقة أيضًا، وتستهلك أجسامنا حوالي 10% من السعرات الحرارية لتلك الغاية.
- الهرمونات: يمكن للغدة الدرقية أن تبطئ أو تسرع حرق السعرات الحرارية. كما يؤدي انخفاض هرمون الاستروجين في سن اليأس إلى إبطاء عملية التمثيل الغذائي.
- معدل الحركة والنشاط: التمارين الرياضية المنتظمة تساعد في حرق السعرات الحرارية وتعزز من عملية التمثيل الغذائي لساعات بعد التمرين.
- الوراثة والجينات: منذ ولادتك سيكون لديك معدل تمثيل غذائي يحدد مقدار الطاقة التي يستهلكها جسمك أثناء الراحة.
هل بطء عملية التمثيل الغذائي يسبب السمنة؟
عادةّ ما نلقي اللوم على عملية التمثيل الغذائي كأهم سبب في زيادة أوزاننا وعدم قدرتنا على إنقاص الوزن. وبوضع عملية الأيض البطيئة جانبًا، وجدت الأبحاث أن الناس يميلون إلى تناول الطعام بكميات أكبر مما يخططون أو يعتقدون أنهم تناولوه. وعندما يُطلب منهم تدوين كمية الطعام الذي استهلكوه في اليوم، تجد أنهم يكتبون كميات أقل بكثير مما تناولوه بالفعل. [5]How can I speed up my metabolism?: https://www.nhs.uk/live-well/healthy-weight/metabolism-and-weight-loss/
وذلك ما يجعلك سمينًا ويُصعب عليك إنقاص وزنك؛ أنك تتناول كميات سعرات حرارية أكثر مما تستطيع حرقها في اليوم، وليس بسبب بطء عملية التمثيل الغذائي. ولهذا، فإن المفتاح الرئيسي لك في سبيل إنقاص الوزن والحفاظ عليه هو تحديد عدد السعرات الحرارية والثبات عليها. يساعدك تحدي الـ 21 يومًا إلى الصحة في انقاص وزنك وتغيير عاداتك الغير صحية إلى أخرى صحية.
تسريع عملية التمثيل الغذائي وحرق الدهون
عند التفكير في الأمر، ستجد أنك لا تتحكم بشكل كبير في عملية التمثيل الغذائي وسرعتها. ولكن، تستطيع التحكم في عدد السعرات الحرارية المستهلكة خلال اليوم، كما تستطيع التحكم في جودة الطعام الذي تتناوله. بالإضافة إلى أنك تتحكم في متسوى نشاطك وحركتك، والذي بدوره يساعدك في حرق السعرات. يوجد عدة طرق لدعم عملية التمثيل الغذائي، أهمها:
1. حسن وظيفة الغدة الدرقية
هرمونات الغدة الدرقية مهمة وضرورية لتنظيم مستويات الطاقة والتمثيل الغذائي وأمور أخرى في الجسم. تحسين وظيفة الغدة الدرقية سيسهم في تحسين عمليات التمثيل الغذائي في المقابل. أهم النصائح في ذلك هو تناول الأطعمة الغنية باليود كونه العنصر الغذائي الأهم للغدة الدرقية، بالإضافة إلى السيلينوم، أو تستطيع تناولهم عن طريق مكملات غذائية بجانب وجباتك: [6]5 Foods That Improve Thyroid Function: https://www.stlukeshealth.org/resources/5-foods-improve-thyroid-function [7]Thyroid Hormone Regulation of Metabolism: https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4044302/
- الأعشاب البحرية: غنية باليود الطبيعي، تستطيع تناولها كشوربة أو سموذي أو عند تناول السوشي. من أمثلتها النوري والواكامي.
- المكسرات: مصدر جيد للسيلينيوم، كالمكاديميا والبندق.
- السمك: الأسماك غنية بالأوميجا 3 الدهنية والسلينيوم، وكلاهما يساعدان في تقليل التهابات الجسم ودعم الغدة الدرقية.
- البيض: يحوي البيض كمية من السيلينيوم واليود، احرص على تناول البيضة كلها، حيث أن الصفار يحوي معظم العناصر الغذائية.
2. تمرن بكثافة عالية
التمارين الرياضية عالية الكثافة عبارة عن دُفعات قصيرة من التمارين المكثفة، عادة ما تكون مدتها 10 إلى 30 دقيقة. يختلف وقت التمرين ووقت الراحة بناءً على نوع الرياضة وشدتها. يساعدك هذا النوع من التمارين على حرق المزيد من الدهون عن طريق زيادة معدل عملية الأيض، حتى بعد انتهاء التمرين [8]Comparison of High-Intensity Interval Training and Moderate-to-Vigorous Continuous Training for Cardiometabolic Health and Exercise Enjoyment in Obese Young Women: A Randomized Controlled Trial: … Continue reading [9]Two minutes of sprint-interval exercise elicits 24-hr oxygen consumption similar to that of 30 min of continuous endurance exercise: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/22710610/ [10]Oxygen consumption, substrate oxidation, and blood pressure following sprint interval exercise: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/23438230/ [11]High-Intensity Interval Resistance Training (HIRT) influences resting energy expenditure and respiratory ratio in non-dieting individuals: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/23176325/
3. اتبع نظام الصيام المتقطع
الصيام المتقطع هو نظام غذائي بسيط وفعال لخسارة الوزن، كما أن الإلتزام به سهل. يساعدك الصيام المتقطع في التحكم في العديد من هرمونات الجسم كهرمون الأنسولين وهرمون النمو والنوربينفرين.
يؤدي عدم تناول الطعام لفترة طويلة إلى بطء عملية التمثيل الغذائي. ومع ذلك، فقد أظهرت الدراسات أن الصيام لفترات قصيرة يمكن أن يؤدي في الواقع إلى تسريع عملية التمثيل الغذائي وليس إبطائه. وجدت دراسه أجريت على 11 رجل بصحة جيدة، أن الصيام لمدة 3 أيام زاد في الواقع من معدل التمثيل الغذائي بنسبة 14%. يُعتقد أن هذه الزيادة ناتجة عن ارتفاع هرمون النورابينفرين الذي يعزز حرق الدهون. [12]The effect of starvation on insulin-induced glucose disposal and thermogenesis in humans: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/2186256/ [13]Leucine, glucose, and energy metabolism after 3 days of fasting in healthy human subjects: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/3661473/ [14]Resting energy expenditure in short-term starvation is increased as a result of an increase in serum norepinephrine: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/10837292/ [15]Emerging role of the brain in the homeostatic regulation of energy and glucose metabolism: https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/26964832/
متلازمة التمثيل الغذائي
متلازمة التمثيل الغذائي أو كما يسميها الأطباء "المتلازمة الاستقلابية" هي أحد الاضطرابات التي تنتج عن خلل في عملية الاستقلاب الغذائي، ويطلق عليها أيضًا "مرض البدينين" و"متلازمة مقاومة الأنسولين" وكذلك "متلازمة x". عادة ما تصيب الأشخاص البدينين الذين لا يؤدون نشاط رياضي ويسيطر الكسل والخمول على حياتهم ويتناولون كمية كبيرة من السكر والخبز والطحين والحلويات، حيث أفادت جمعية القلب الأمريكية أن 23% من البالغين يعانون من متلازمة التمثيل الغذائي. [16]About Metabolic Syndrome: https://www.heart.org/en/health-topics/metabolic-syndrome/about-metabolic-syndrome [17]Metabolic syndrome: https://www.nhs.uk/conditions/metabolic-syndrome/ [18]IDF Consensus Worldwide Definition of the Metabolic Syndrome: https://www.idf.org/e-library/consensus-statements/60-idfconsensus-worldwide-definitionof-the-metabolic-syndrome
عادة ما تكون أجسام المصابين بمتلازمة التمثيل الغذائي على شكل تفاحة أو كمثرى، حيث تتراكم الدهون في منطقة البطن وعلى الكبد - مصدر الصورة
أما عن آلية حدوثها فعادة ما تبدأ متلازمة التمثيل الغذائي بتطور نقص حساسية مستقبلات الأنسولين (وهو هرمون يفرز من البنكرياس يعمل على تسريع دخول سكر الغلوكوز إلى الخلايا). وعند حدوث نقص في حساسية مستقبلاته فإن مستويات السكر ترتفع وهذا ما يؤدي إلى الإصابة بمرض السكري النوع الثاني. وفي حال كان المصاب يعاني مسبقًا من ارتفاع ضغط الدم ومن بدانة مركزية في البطن والخصر أو لديه مستويات مرتفعة من الكوليسترول والشحوم الثلاثية، فإن إصابته بالمتلازمة الاستقلابية قد يُصبح أمرًا حتميًا وعليه البدء بالإجراءات الوقائية لتجنب حدوثها. [19]Definition of Metabolic Syndrome: Report of the National Heart, Lung, and Blood Institute/American Heart Association Conference on Scientific Issues Related to Definition: … Continue reading
ويختلف معدل حدوث المتلازمة باختلاف العرق والجنس وفي حال إصابة أحد الأقارب بالداء السكري وارتفاع ضغط الدم واضطرابات أخرى كما أن خطورة المتلازمة تكمن في مضاعفاتها فهي تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين والسكتة الدماغية والأمراض الإقفارية.
عوامل تزيد من خطر الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي
متلازمة التمثيل الغذائي لا تحدث فجأة، بل هنالك العديد من المشاكل المرضية تمهد لحدوثها. خمسة مشاكل رئيسية هي المسبب لحدوث هذه المتلازمة:
- ارتفاع مستويات السكر في الدم كما في حال الإصابة بالسكري من النمط الثاني.
- ارتفاع ضغط الدم، قد يزيد من المشاكل القلبية والوعائية ويسبب فشلًا كلويًا ويؤذي العديد من الأعضاء الأخرى كالعين.
- زيادة في محيط الخصر نتيجة تراكم الشحوم وهو مؤشر هام وخطير (علمًا أن تراكم الشحوم في منطقة الورك لا يدخل ضمن العوامل المسببة لحدوث المتلازمة).
- ارتفاع مستويات الشحوم الثلاثية في الدم، وهي مفيدة في تخزين الطاقة لحين الحاجة لها ولكن حين ارتفاعها عن الحد الطبيعي فإنها تزيد من خطر الإصابة بالأمراض القلبية والسكتة الدماغية.
- انخفاض مستوى الكوليسترول العالي الكثافة HDL أو كما يطلق عليه الكوليسترول الجيد، وهو الذي يعمل على منع تشكل الجلطات ومنع ترسب المكونات المشكلة لها على جدار الأوعية الدموية وبالتالي قي من تصلب الشرايين الإكليلية.
ولكن هل يكفي الإصابة بواحدة منها لحدوث المتلازمة؟ كلا، يجب أن يجتمع لديك ثلاثة على الأقل من هذه العوامل لتأكيد إصابتك بمتلازمة التمثيل الغذائي. ارتفاع ضغط الدم فقط على سبيل المثال لا يعني أنه لديك هذه المتلازمة على الرغم من أنه يزيد من خطورة حدوث تصلب الشرايين وأمراض القلب. ولكن، عندما يترافق مع الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني والسمنة فإن ذلك كفيل بتأكيد إصابتك بالمتلازمة.
عوامل خطر ثانوية
كما يوجد عوامل خطر أخرى ثانوية قد تزيد من معدل حدوث المتلازمة، منها:
- الجنس: تعد النساء أقل عرضة للإصابة من الرجال نظرًا لأن البدانة لدى السيدات غالبًا ما تكون في منطقة الورك على عكس الرجال الذين تتمركز بدانتهم في البطن وحول الخصر.
- العمر: يزداد معدل حدوث المتلازمة مع تقدم الإنسان بالعمر.
- الوراثة: وجود قصة عائلية للإصابة بالمتلازمة يزيد من إمكانية الإصابة بها.
- النساء المصابات بمتلازمة "المبيض متعدد الكيسات" لديهم خطورة أكبر للإصابة بالمرض نتيجة لحدوث مقاومة على مستقبلات الأنسولين لديهم.
- قلة الحركة والنشاط: عدم الانتظام بالتمارين الرياضية الكافية التي تساعد على حرق السعرات الحرارية والتقليل من مستويات الشحوم.
- النظام الغذائي الغير صحي: الإكثار من تناول الأطعمة الغير صحية والأطعمة الغنية بالسكر والطعام الجاهز والإفراط في شرب الكحول والمشروبات الغازية.
- التدخين.
تشخيص وتحليل متلازمة التمثيل الغذائي
سيجري طبيبك عند الشك بإصابتك بالمتلازمة بعض الفحوصات والاختبارات التي تؤكد التشخيص عند وجود خلل في 3 أو أكثر من تلك الفحوصات: [20]Metabolic syndrome: https://www.mayoclinic.org/diseases-conditions/metabolic-syndrome/diagnosis-treatment/drc-20351921 [21]Metabolic Syndrome: https://www.nhlbi.nih.gov/health-topics/metabolic-syndrome
- محيط الخصر: يقيس باستخدام مقياس من القماش وعليه قياسات بواحدة السنتيمتر. يكون الخلل عندما يبلغ محيط الخصر أكبر من 102 سم عند الرجال وأكبر من 88 سم عند النساء.
- ضغط الدم: حيث يقيس الضغط في ذراعك لمعرفة هل هنالك ارتفاع في الضغط أم لا، ويعتبر الضغط مرتفعًا إذا تجاوز 135/85.
- مستوى الكوليسترول الجيد: يطلب منك إجراء اختبار لقياس مستويات الكوليسترول عالي الكثافة (الكوليسترول الجيد HDL)، تكون مضطربة إذا كانت أقل من 40 ملغ/دل عند الرجال وأقل من 50 ملغ/دل عن النساء.
- مستويات السكر في الدم: قياس سكر الدم على الريق بدون تناول الطعام والقيم الغير طبيعية للسكر هي أكبر من 100 ملغ/دل.
- معدل الدهون الثلاثية: يطلب منك قياس مستويات الدهون الثلاثية في الدم، وقيمها الغير طبيعية هي أكبر من 150 ملغ/دل.
التعايش مع متلازمة التمثيل الغذائي
إن خير علاج لمتلازمة التمثيل الغذائي هو الوقاية من حدوثها بالأساس. ولكن، في حال إصابتك بالمتلازمة، فهي حالة مرضية ستستمر معك طوال الحياة، ويمكن تخفيف خطر المضاعفات عن طريق تغيير أسلوب الحياة كاملًا، أيضًا من خلال إجراءات دوائية وجراحية حسب ما يوصي طبيبك الذي يتابع حالتك، من:
- خافضات سكر الدم مثل الأنسولين والميتفورمين
- أدوية خفض مستويات الكوليسترول الضار في الدم مثل الستاتينات
- خافضات الشحوم الثلاثية مثل الفيبرات
- أدوية علاج ارتفاع ضغط الدم مثل المدرات وحاصرات بيتا وحاصرات الكالسيوم
- الأدوية المساعدة على تقليل الوزن
- جراحة البدانة وتوسيع الشريان الكلوي لمعالجة ارتفاع الضغط
مضاعفات الإصابة بمتلازمة التمثيل الغذائي
تكمن خطورة متلازمة التمثيل الغذائي في المضاعفات الخطيرة الناتجة عنها والتي تحدث عند إهمال الحالة وعدم معالجتها، وقد تسبب الوفاة أو حدوث شلل وموت بعض الخلايا وفشل في أعضاء هامة. ومن هذه المضاعفات:
- الإصابة بمرض السكري من النمط الثاني، والذي بدوره يسبب الكثير من المضاعفات في حال عدم ضبط مستوى السكر ضمن الحد المطلوب ومنها الفشل الكلوي، أذية شبكية العين، موت الجلد وبتر الأطراف
- فشل كلوي وأمراض كلوية عديدة
- سكتة دماغية قد تؤدي إلى شلل نصفي أو ظاهرة الموت الدماغي
- مرض تصلب الشرايين
- احتشاء قلبي
- داء الشريان التاجي
- أمراض الشرايين المحيطية
- اعتلالات كبدية
- تشحّم الكبد الذي يؤهب عند عدم معالجته إلى الإصابة بتشمع الكبد والسرطان
- النقرس، ارتفاع كمية حمض البول في الدم
- أمراض الجهاز القلبي الوعائي، احتشاء وجلطات وتصلب الشرايين ونزيف دماغي
- ضعف الانتصاب عند الذكور
الوقاية من متلازمة التمثيل الغذائي
يمكنك من خلال بعض الإجراءات البسيطة تجنب إصابتك بمتلازمة التمثيل الغذائي، لا سيما إن كنت تملك عوامل خطورة كثيرة، وأساليب الوقاية عمومًا تتلخص في:
- تناول الطعام الصحي الغني بالفواكه والخضار وتنظيم الوجبات
- ممارسة التمارين الرياضية والتي تزيد من الاستقلاب وحرق السعرات وتخفض مستويات السكر و الـ LDL في الدم
- احرص على الحفاظ على وزن مثالي بحيث تبقى نسبة BMI (قسمة مربع الطول على الوزن) بين 20 و25
- افحص بشكل دوري لتحليل مستوى السكر والكوليسترول
- اطلب من الآخرين قياس ضغطك بشكل يومي
- ابتعد عن المشروبات الحاوية على الكحول وتجنب التدخين
الوقاية من ارتفاع سكر الدم
في البداية عليك بتغيير نمط حياتك الكسول وتخفيض وزنك بنسبة تصل إلى 10%. وعليك القيام بتمارين رياضية كافية لا تقل عن 30 دقيقة يوميًا وخمسة أيام على الأقل في الأسبوع. كذلك، امتنع عن تناول الحلويات نظرًا لاحتوائها على السكر، واحرص على تحليل مستويات السكر في الدم بانتظام.
الوقاية من ارتفاع ضغط الدم
قياس ضغطك بشكل منتظم سيعطيك فكرة عن ما يدور في جسمك. ابتعد عن الملح الأبيض نهائيًا واستبدله بكميات بسيطة في اليوم من ملح الهميلايا أو الملح الصخري. أيضًا، عالج الأمراض الكلوية بسرعة نظرًا لدورها الكبير في التسبب بارتفاع الضغط.
الوقاية من ارتفاع الشحوم الثلاثية
عن طريق التقليل من تناول الأطعمة الحاوية على الدهون والسكر، وتجنب المشروبات الكحولية تمامًا. واحرص على تناول الأطعمة الحاوية على الدهون الصحية مثل زيت الزيتون.
الوقاية من انخفاض مستويات HDL
اعتمد في الطهي على الزيوت الصحية مثل زيت الزيتون، والتزم بالغذاء الصحي قليل السكر. بالإضافة إلى الإقلاع عن التدخين تمامًا.
الوقاية من تراكم الشحوم في منطقة الخصر
وذلك من خلال ممارسة التمارين الرياضية التي تقوي المعدة ومنطقة الخصر، وتجنب تناول الطعام قبل النوم مباشرة. بالإضافة إلى أن تناول الأطعمة قليلة الدسم والسكر، والإكثار من شرب الماء، وتجنب العوامل المسببة للتوتر، والاعتياد على المشي بشد الصدر وسحب المعدة إلى الخلف، جميعها أمور تسهم في الوقاية.
ختامًا، الوقاية خير من قنطار علاج، وصحتك الآن بين يديك، انتبه لعدد سعراتك الحرارية ونشاطك اليومي وتأثيرهما على عملية التمثيل الغذائي لديك. اتبع الإجراءات الوقائية المذكورة وعش حياة صحية خالية من أمراض السكر والشحوم وما يترتب عليها من مضاعفات خطيرة وتأثيرات جانبية كثيرة، بالإضافة إلى تكاليف العلاج الباهظة وغيرها من المساوئ التي قد تزيد من مشاكلك.
المراجع