تعد جلسات العلاج بالتدليك أحد فروع الطب البديل التي تستخدم على نطاق واسع منذ القدم. ويلاحظ أن قطاع عريض من الناس ينظرون إلى المساج باعتباره وسيلة للراحة والاسترخاء فحسب، إلا أنه وفي حقيقة الأمر فإن جلسات التدليك تحمل أيضًا العديد من الفوائد الصحية والعلاجية. فما هو العلاج بالتدليك وكيف تستفيد منه؟

التدليك Massage

اصطلح الأطباء على أن "التدليك" يقصد به استخدام الأصابع والأيدي والمرافق والسواعد في إجراء حركات ضاغطة مدروسة على الأنسجة الرخوة بالجسم (خاصةً العضلات والأنسجة السطحية القريبة من سطح الجلد). كذلك يمكن استخدام أجهزة ومعدات خاصة للقيام بنفس الغرض.

يُصنّف التدليك باعتباره أحد فروع الطب البديل التي يمكن استخدامها بشكل أساسي في حالات الإرهاق والألم الجسدي، كما يمكن استخدامه كعلاج ثانوي مكمل في العديد من المشكلات الصحية التي سوف نتعرض لها لاحقًا بالتفصيل. ^[1]Braun, M. B., & Simonson, S. J. (2008). Introduction to massage therapy. Lippincott Williams & Wilkins.

أنواع التدليك

هناك أنواع متعددة للمساج، وتختلف باختلاف أسس ممارسات التدليك نفسه، وتنوع الأهداف الصحية والعلاجية المنتظرة منها. بشكل عام، يمكننا إجمال أهم أنواع وطرق العلاج بالتدليك فيما يلي:

1. التدليك السويدي

يعد التدليك السويدي أشهر أساليب العلاج بالتدليك المعروفة، لذا فهو الصورة النمطية التقليدية التي نعرفها جميعًا بخصوص جلسات المساج. ومن الطريف في هذا الشأن، أن التدليك السويدي ليس منشأه دولة السويد كما يبدو للجميع، إذ تشير المصادر التاريخية إلى أن أسس التدليك السويدي يعود منشأها إلى هولندا.

وبغض النظر عن ذلك، يجدر بنا الإشارة إلى أن التدليك السويدي يعتمد على استخدام المدلك لجميع أجزاء ذراعه (الأصابع، كف اليد، الساعد، الكوع، المرفق) في التعامل مع عضلات الجسم السطحية، بهدف تنشيط الدورة الدموية، وتخفيف عوامل الضغط والتوتر الواقعة على عضلات الجسم بشكل عام، فضلًا عن تحقيق العديد من الفوائد العلاجية. ^[2]Barreto, D. M., & Batista, M. V. (2017). Swedish Massage: A Systematic Review of its Physical and Psychological Benefits. Advances in mind-body medicine, 31(2), 16-20.‏

2. التدليك التايلاندي

يعد التدليك التايلاندي أحد خيارات العلاج بالتدليك، كما يسميه خبراء الطب البديل أيضًا باسم "اليوجا التايلاندية". ويلاحظ أن العلاج بالتدليك التايلاندي لا يتضمن استخدام زيوت عطرية أو أي وسائل مساعدة أخرى، كذلك فإن الشخص الخاضع لجلسة المساج يكون مرتديًا كامل ملابسه.

لا تتضمن أساليب التدليك التايلاندي استهداف العضلات بشكل منفرد، بل يتم التعامل مع الجسم كوحدة واحدة، وذلك من خلال حركات الضغط والسحب والمد، التي تهدف إلى توجيه جسم الشخص الخاضع للمساج إلى اتخاذ أوضاع استشفائية معينة. ^[3]Ryan, C., Keiwkarnka, B., & Khan, M. I. (2003). Traditional Thai massage: unveiling the misconceptions and revealing the health benefits. Journal of Public Health and Development, 1(2), … Continue reading

3. التدليك العميق

يتشابه التدليك العميق بصورة كبيرة مع الأساليب المستخدمة في التدليك السويدي. ووفقًا لما يوحي به إسمه، فإنه يعتمد على إحداث تأثير يتغلغل عميقًا إلى العضلات والأنسجة الضامة. بناءً على ذلك، فإن العلاج بالتدليك العميق يستلزم أن تكون حركات التدليك أكثر شدة وذات وتيرة أبطأ مما هو معتاد، مما يتيح إحداث قوى ضاغطة مركزة على المناطق المستهدفة بالجسم.

يستخدم هذا النوع من المساج بشكل رئيسي في علاج آلام الظهر والرقبة، بالإضافة إلى حالات الإنزلاق الغضروفي، مع ضرورة أن يكون المدلك على أعلى درجة من الخبرة والتدريب تجنبًا لحدوث أي تأثيرات عكسية قد تكون سببًا في تفاقم الحالة وتدهورها. ^[4]Riggs, A. (2012). Deep Tissue Massage, Revised Edition: A Visual Guide to Techniques. North Atlantic Books.‏

4. تدليك ريكي

يعتمد تدليك ريكي على تقنية التدليك من خلال اللمس الخفيف، ومازال هذا النوع من المساج حتى لحظة كتابة هذه السطور محل خلاف وجدال ما بين مؤيد ومعارض لوجود جدوى علاجية له. إلا أننا أمام حقيقة جلية لا يمكن تجاهلها أو إنكارها، وهي أن تدليك ريكي لا يزال آخذًا في الانتشار على الصعيد العالمي بصورة لافتة، وذلك بفضل حالة استرخاء الجسم التي يخلقها، وذلك بغض النظر عن جدواه العلاجي الذي اختلف حوله الكثيرون. ^[5]Olson, K., & Hanson, J. (1997). Using Reiki to manage pain: a preliminary report. Prevention & controle en cancerologie, 1(2).‏

5. التدليك القحفي العجزي

هو وسيلة علاجية تعتمد على التدليك لتقويم عظام العمود الفقري، كما يستخدم على نطاق واسع في علاج الصداع النصفي والآلام العضلية المزمنة، وذلك من خلال تحفيز الأعصاب القحفية العجزية. ^[6]Upledger, J. E., & Vredevoogd, J. D. (1983). Craniosacral therapy (pp. 77-87). Seattle:: Eastland press.‏

الفوائد الصحية لجلسات العلاج بالتدليك

يحمل العلاج بالتدليك بمختلف أنواعه فوائد صحية وعلاجية لا متناهية، وخاصةً في حالة المداومة المنتظمة على الخضوع لجلسات المساج، حيث تمنح الجسم الفوائد التالية: ^[7]Gasibat, Q., & Suwehli, W. (2017). Determining the benefits of massage mechanisms: A review of literature. Rehabilitation Sciences, 2(3), 58-67.‏

1. الشعور بالراحة والاسترخاء وتقليل التوتر العضلي، فضلًا عن استشفاء العضلات والحد من الشعور بالإجهاد أو الآلام العضلية.

2. تنشيط الدورة الدموية، مما يساعد على زيادة التدفق الدموي والأكسجين إلى الأنسجة، علاوة على تخليص الجسم من السموم والفضلات الخلوية.

3. تساعد جلسات العلاج بالتدليك على تنشيط الدورة الدموية السطحية، مما يزيد من التدفق الدموي لخلايا البشرة. بالتالي، تصبح البشرة أكثر صحة وشبابًا ونضارة، فضلًا عن تأخير ظهور التجاعيد وعلامات التقدم في العمر.

4. الحد من التفاعلات الالتهابية والتحسسية بالجسم، والتي قد تكون مسئولة عن الإصابة بالعديد من الأمراض المزمنة.

5. تعزيز الكفاءة الوظيفية للجهاز المناعي، وبالتالي الحماية من الإصابة بالأورام السرطانية أو الأمراض المعدية.

6. الحد من الشعور بالتوتر أو الاضطرابات النفسية أو العصبية بمختلف أنواعها، ولاسيما القلق والاكتئاب.

7. يعد المساج أحد الوسائل العلاجية التي لاقت نجاحًا منقطع النظير في علاج حالات الإرهاق المزمن والصداع النصفي.

8. تعزيز الحالة الذهنية والقدرات المعرفية، وبالتالي زيادة مستويات التركيز والذاكرة والتفكير.

9. زيادة مستويات هرمون السيروتونين والإندورفين، مما يساعد على ضبط الحالة المزاجية، وتحسين الجودة النوعية للنوم، فضلًا عن الوقاية من الإصابة بالأرق واضطرابات النوم.

10. ينصح بجلسات المساج للرياضيين ولاسيما في مراحل إعادة التأهيل، حيث يعمل المساج على تعزيز مرونة العضلات وإطالتها، فضلًا عن سرعة استشفاء العضلات المصابة بالتورم أو الإجهاد العضلي الناتج عن تراكم حمض اللاكتيك بالألياف العضلية.

قد يُهمك: ما الذي تعرفه عن بناء العضلات وكمال الأجسام؟ الدليل الشامل للجنسين

التقنيات الأساسية المستخدمة في جلسات العلاج بالتدليك

ينبغي أن يكون القائم على جلسات العلاج بالتدليك شخص مدرب ومؤهل للتعامل مع هذا الأمر، مع ضرورة إلمامه بالتقنيات الأساسية التي تستخدم بشكل عام في جميع أنواع المساج، حيث تشمل: ^[8]Beck, M. F. (2012). Theory and practice of therapeutic massage. Cengage Learning.‏

• الانزلاق

يتضمن حركات انسيابية وبطيئة على سطح الجلد، سواءً وفق نمط دائري أو طولي.

• العجن

يهدف في المقام الأول إلى فصل الأنسجة السطحية عن الأنسجة العميقة، وذلك لحث العضلات على الانقباض والتخلص من السموم والفضلات المتراكمة بخلاياها.

• الاحتكاك

يتضمن حركات دائرية سريعة باستخدام الإبهامين.

• النقر

يتضمن ضرب العضلات بأطراف الأصابع ضربًا خفيفًا ومنتظمًا، مع مراعاة الحفاظ على مقدار معين من الضغط، وذلك من خلال الحرص على عدم فقدان الاتصال بين يد المدلك وجسم الشخص الخاضع للتدليك.

• الاهتزاز

يتضمن تحريك العضلات المستهدفة سريعًا، وفق إيقاع قصير ومنتظم، وذلك باستخدام الأيدي أو من خلال آلة مصممة خصيصًا لهذا الغرض.

الوسائل والأدوات المستخدمة في جلسات العلاج بالتدليك

لتعزيز النتائج المرجوة من جلسات العلاج بالتدليك، قد يعمد المدلك إلى استخدام وسائل وأدوات مساعدة، والتي تستلزم الإلمام الكافي بها قبل الشروع في استخدامها، ولعل أهم هذه الوسائل ما يلي:

الزيوت العطرية

تعد الزيوت العطرية قاسمًا مشتركًا لمعظم جلسات المساج، سواءً كانت بغرض الاسترخاء أو العلاج، ولعل أفضل الزيوت العطرية التي يمكن استخدامها في هذا الشأن: زيت الزيتون، زيت النعناع، البابونج، الياسمين، الخزامي، زيت الليمون، اللافندر.

تساعد الزيوت العطرية على تعزيز حالة الاسترخاء أثناء جلسات العلاج بالتدليك، فضلًا عن تحسين الحالة النفسية والإدراكية. كذلك فقد أشارت بعض الدراسات إلى أن استخدام الزيوت العطرية من شأنه أن يساعد على علاج الصداع وحالات الإرهاق المزمن.

ويجدر بنا الإشارة إلى ضرورة اختبار الزيت على منطقة صغيرة من الجسم في البداية، وذلك للتأكد من عدم وجود فرط تحسس نحو أحد مكوناته، كذلك ينصح بترك الزيت على الجسم مدة كافية قبل شطفه، وذلك لإتاحة الوقت الكافي لخلايا البشرة لامتصاصه والحصول على فوائده المرجوة. ^[9]Smith, G. (2004). Aromatherapy. Triple Helix, 4-5.‏

الحجارة الساخنة

تُستخدم أنواع معينة من صخور البازلت أو أحجار الرخام أثناء جلسات العلاج بالتدليك، وذلك من خلال تسخينها في ماء لا تتجاوز درجة حرارته 55 درجة مئوية، ثم وضع هذه الحجارة الساخنة على مناطق معينة بالجسم (مثل: الكتفين، الظهر، جانبي العمود الفقري، راحتي اليد).

وذلك لإحداث تأثير حراري يتغلغل عميقًا في العضلات، مما يساعد على زيادة التدفق الدموي وارتخاء العضلات، وبالتالي علاج الآلام والالتهابات، وتعزيز الفوائد الصحية والعلاجية للمساج بشكل عام. ^[10]Szczuka¹, E., Gruszka, K., Awdankiewicz, M., & Sobiech, K. A. Petrographic and thermal image analysis of volcanic stones used for massage.‏

كؤوس الهواء

حيث يتم استخدام كؤوس الهواء المصنوعة من الزجاج أو السيليكون في جلسات العلاج بالتدليك، والتي تعتمد فكرة عملها على أسلوب قريب جدًا من جوهر فكرة "الحجامة" المعروفة، حيث تساعد بشكل أساسي على تنشيط الدورة الدموية وتخليص الجسم من السموم والمواد الضارة المتراكمة بالأنسجة. ^[11]Cao, H., Li, X., & Liu, J. (2012). An updated review of the efficacy of cupping therapy. PloS one, 7(2), e31793.‏

التدليك الانعكاسي (الرفلكسولوجي)

يعتبر التدليك الانعكاسي أو الرفلكسولوجي أحد وسائل الطب البديل، وهو حالة خاصة جدًا من العلاج بالتدليك، حيث يعتمد أسلوبه على حقيقة مدهشة، والتي تشير إلى وجود ما يقرب من 7200 نهاية عصبية بالقدمين، تتصل من خلال الحبل الشوكي والدماغ بسائر أعضاء وأنسجة الجسم.

بناءً على ذلك، نظرًا للاتصال الوثيق بين باطن القدم وبقية الجسم من خلال تلك الشبكة العصبية، أو بعبارة أخرى، بالنظر إلى أن كافة أعضاء الجسم لها تمثيل انعكاسي على القدم. لذا، فإن الضغط بطريقة مدروسة على نقاط معينة بباطن القدم والأصابع من شأنه أن يؤدي إلى ردود أفعال منعكسة ذات تأثير إيجابي على الحالة الصحية لأعضاء الجسم المختلفة. ^[12]Wright, S., Courtney, U., Donnelly, C., Kenny, T., & Lavin, C. (2002). Clients' perceptions of the benefits of reflexology on their quality of life. Complementary Therapies in Nursing and … Continue reading ^[13]Massage therapist specialty - reflexology: https://www.massagetherapylicense.org/articles/reflexologist-massage-therapy/

موانع اللجوء إلى جلسات العلاج بالتدليك

على الرغم من الفوائد الصحية والعلاجية التي يمكن الحصول عليها من جلسات المساج، إلا أنه أحيانًا يحظر اللجوء إلى جلسات العلاج بالتدليك في الحالات التالية: ^[14]Walton, T. (2020). Medical Conditions and Massage Therapy. Jones & Bartlett Learning.

• وجود جروح سطحية كبيرة، أو جروح قد يتسبب الضغط عليها في حدوث نزيف دموي

• وجود حروق بالجلد أو التهاب خليوي بالأنسجة

• وجود تقرحات جلدية أو آفات جلدية معدية

• تورم الأنسجة الموضعي

• الأورام السرطانية

أيضًا وعلى سياق متصل، ينصح بالرجوع إلى الطبيب المعالج قبل الإقدام على جلسات العلاج بالتدليك، وذلك في الحالات التالية:

• أمراض القلب المزمنة.

• وجود تاريخ مرضي يشير إلى سابق الإصابة بجلطات الأوردة العميقة.

• دوالي الساقين.

طريقة عمل مساج للجسم بنفسك

العلاج بالتدليك هو الأفضل لتخفيف ألآلم جسمك، ويمكنك أن تدلك جسمك بنفسك في بعض الأحيان:

مساج لآلام الرقبة

أسلوب العمل مؤخرًا أصبح مرهقًا للرقبة بشكل كبير، الانحناء طوال اليوم أمام الحاسوب وأمام الهاتف والقراءة على المكتب دون دعم مناسب للرقبة. فإذا شعرت بضيق وألم في رقبتك، جرب:

1. افرد ظهرك ورقبتك، واحرص على ابعاد كتفك عن أذنك.
2. عاين على المنطقة التي تؤلمك في رقبتك واضغط باصابعك عليها بقوة.
3. بلطف، حرك الأصابع دائريًا على المنطقة، ولا تنس أن تكرر في الاتجاه المعاكس.
4. استمر على هذا المنوال لمدة 3-5 دقائق.

هذه إحدى الطرق، يوجد العديد أيضًا من طرق تدليك الرقبة التي ستريحك من ألآم رقبتك:

تدليك الرأس والوجه

في نهاية يوم طويل مُجهد، قد تصاب بصداع وترغب في أن تتخلص من بعض التوتر والألم الذي تشعر به. يمكنك تدليك رأسك باتباع بعض الطرق البسيطة الفعالة: