شاع في الأوان الأخير الاهتمام المتزايد بالأنظمة الغذائية، سواء كان الهدف منها هو تخفيف الوزن أم التّمتّع بصحّة جيّدة أم أسباب طبيّة، ويوجد العديد من الأنظمة الغذائية المختلفة ولعل من أهمّها النظام الغذائي الذي يعتمد على المؤشر الجلايسيمي للأطعمة، فما أساس هذا النظام الغذائي، وكيف تبدأ به؟
ما المقصود بالمؤشر الجلايسيمي للأطعمة؟
المؤشر الجلايسيمي للأطعمة أو Glycemic index أو المؤشّر السّكّري أو مؤشّر السكر بالدّم هي عدّة تسميات لدليل واحد يُساعد على تصنيف الأطعمة الّتي تحتوي الكربوهيدات وفقاً لقدرتها على رفع السّكّر في الدم بعد ساعتين من تناولها، أي إنه مقياس لميل الغذاء إلى رفع مستوى السكر في الدم. [1]Jenkins DJ, Wolever TM, Taylor RH, Barker H, Fielden H, Baldwin JM, Bowling AC, Newman HC, Jenkins AL, Goff DV. (1981) Glycemic index of foods: a physiological basis for carbohydrate exchange. Am J … Continue reading
والمؤشر الجلايسيمي إما أن يكون مرتفعًا أو مخفضًا وقد يكون متوسطًا، فإن أنتج تناول نوع طعام زيادة كبيرة في نسبة الجلوكوز في الدم فمؤشرها الجلايسيمي يُصنف عاليًا، والعكس مع الأطعمة التي لا ترفع نسبة السكر سريعًا بعد تناولها مثل الخيار والحبوب الكاملة. [2]Low-glycemic-load diets: impact on obesity and chronic diseases
ما طريقة تصنيف المؤشر الجلايسيمي للأطعمة؟
تُرقم الأطعمة في دليل المؤشر الجلايسيمي بدءًا من الصفر وصولًا إلى المئة، وكلما انخفضت قيمة المؤشر ضعُف تأثير المادة على رفع سكّر الدم، ونفصّل في هذا السّياق:
- المؤشّر الجلايسيمي المرتفع: وتتراوح القيم فيه بين الرّقمَين 70 وحتّى 100، وهي الأطعمة الّتي تُهضم تُمتص بسرعة أكبر في الجسم؛ مما يؤدّي لارتفاع السّكّر في الدّم بسرعة.
- المؤشّر الجلايسيمي المتوسّط: وتتراوح القيم فيه بين الرّقمين 55 وحتّى 69.
- المؤشّر الجلايسيمي المنخفض: وتتراوح القيم فيه بين الرّقمين 55 وحتّى 0، وهي الأطعمة الّتي تُهضم تُمتص ببطء في جسم الإنسان؛ وتأثيرها يؤدّي إلى ارتفاع السّكّر في الدّم بصورة منخفضة.
أطعمة ذات المستوى الجلايسيمي المرتفع
وللأسف، نتناول خلال اليوم العديد من الأطعمة الّتي تندرج تحت هذا المستوى، ومن أهمّها: الدقيق الأبيض والبطاطا والخبر والكعك والأرز الأبيض وحبوب الإفطار والبطّيخ والقرع، والعديد من أنواع الحلويات مثل الدّونات والوافل والجيليه وغيرها.
أطعمة ذات المستوى الجلايسيمي المتوسّط
ولعل أهم الأطعمة الّتي يتم تصنيفها تحت هذا المستوى هي: الزّبيب والموز والأناناس والبابايا والشّمّام والتّين والشّمندر، بالإضافة إلى الأرز البنّي.
أطعمة ذات المستوى الجلايسيمي المنخفض
يتبع لهذه القائمة العديد من الأغذية، مثل:
- البقوليّات: الفاصولياء والعدس والحمّص… إلخ.
- الخضراوات بمختلف أنواعها: البصل والخس والباذنجان والبروكلي والجزر والطّماطم والسبانخ والقرنبيط والكرنب وغيرهم.
- بعض أنواع الفاكهة: التّفاح والبرتقال والفريز والكيوي واللّيمون والكرز والخوخ والمشمش وجوز الهند.
- أطعمة أخرى متنوّعة: الشعير والنخالة والشوفان والفطر والبرغل والكينوا، بالإضافة إلى الجوز واللّوز والفول السّوداني والكاجو.
لماذا علينا أن نتبع نظامًا غذائيًا ذا مؤشر جلايسيمي منخفض؟
يساعد اتباع لنظام غذائي يتضمّن الأطعمة ذات المؤشّر الجلايسيمي المنخفض على:
- الحفاظ على الوزن الطّبيعي والصّحّي.
- الشعور بالشبع لمدة أطول مقارنة بالأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المرتفع.
- الحفاظ على انتظام مستوى السّكّر في الدم وخاصّة للمصابين بمرض السكري.
ما علاقة المؤشر الجلايسيمي للأطعمة والتحكم بسكر الدم على المدى الطويل؟
أجرى العلماء عددًا من الدّراسات من أجل التّحكّم بمستوى سكّر الدم في جسم الإنسان المصاب بمرض السّكّري، وشملت الدّراسات الكثير من التّجارب العلاجية الّتي لا تعتمد على الأنسولين (NIDDM). [3]Low-Glycemic Index Foods Improve Long-Term Glycemic Control in NIDDM
وللمقارنة بين الأنظمة الغذائيّة الّتي تحتوي على الأطعمة ذات المؤشّر الجلايسيمي المرتفع مع الأنظمة ذات المؤشّر الجلايسيمي المنخفض؛ أجرى العلماء دراسة شارك فيها 16 شخصًا تمت متابعتهم من اختصاصي أغذية زاروهم في منازلهم ووضع لهم نظامًا غذائيًا لكل يوم من فترة الدراسة، ووجدوا:
- عند قياس سكر الدم عند الأشخاص المتطوّعين في الدراسة لمدّة أربعة أيام تبيّن أن المتطوّع الّذي اتّبع نظاماً غذائيّاً ذو مؤشّر جلايسيمي منخفض بلغت عنده نسبة السّكّر في الدمّ أقل بحوالي 15% من أقرانه.
- تمّ تحسين ضبط نسبة السّكّر في الدّم في النظام الغذائي ذي المؤشر الجلايسيمي المنخفض مقارنة بالنظام الغذائي ذي المؤشر الجلايسيمي المرتفع.
- لم يتأثّر وزن الجسم خلال هذه الدّراسة.
لماذا الاهتمام بمؤشر سكر الدم؟
أجرى الباحثون العديد من الدّراسات المتعلّقة بعلاقة مؤشّر سكر الدّم بالأمراض، وتمّ ربط زيادته بالعديد من الأمراض، فهذه الزيادة بدورها تؤدي إلى: [4]Glycemic index and disease
زيادة تناول الطّعام مما يؤدّي للبدانة.
فرط الأنسولين مما يؤدّي إلى مقاومة الأنسولين.
اضطراب نسبة الشّحوم مما يؤدّي لبعض الأمراض في القلب.
أنواع معيّنة من السّرطانات.
هل يوجد ما يثبت أن زيادة مؤشر سكر الدّم يؤدي فعلا لتلك الأمراض؟
بسبب طبيعة تلك الدّراسات والتي تربط العلاقة بين متغيّرين لا يمكنها إثبات الأسباب، وعلى الرّغم من توفّر العديد من الأدلّة والدّراسات الّتي أثبتت ارتباط مؤشّر سكّر الدم ببعض الأمراض ولكن الدّراسات السّريريّة الخاضعة للرّقابة باهظة الثّمن ويصعب إجراءها، لذلك مع الأسف لم يتمكّنوا من اتّخاذ قرارات بشأن النّظام الغذائي.
هل يؤثر تناول الأطعمة ذات المستوى الجلايسيمي المرتفع على مستوى الجوع والسّمنة؟
ما تزال الأنماط الغذائيّة المسبّبة للسّمنة مثيرة للجدل الكبير، ولا سيما بانخفاض عدد الدّراسات على المدى البعيد. ولكن أشارت الدّراسات قصيرة المدى إلى وجود علاقة وثيقة ما بين الكربوهيدرات والجوع. [5]High–glycemic Index Foods, Hunger, and Obesity: Is There a Connection?
فعندما يستهلك الأشخاص الكربوهيدات عن طريق أطعمة ذات المؤشّر الجلايسيمي العالي؛ يعزّز ذلك معاودة الجوع والاستمرار باستهلاك وتناول المزيد من الطّعام بالإضافة لزيادة استهلاك الطّاقة بسرعة، مقارنة باستهلاك الأطعمة ذات المؤشّر الجلايسيمي المنخفض.
بالإضافة لما سبق، بيّنت بعض الدّراسات أنّ استهلاك الأطعمة ذات المؤشّر الجلايسيمي المرتفع تحافظ على الوزن الزّائد عند الأشخاص البدينين، وتسبّب زيادة الوزن عند الاشخاص القابلين للسُّمنة. وعلى العكس من ذلك، فإنّ استهلاك الأطعمة ذات المؤشّر الجلايسيمي المنخفض مثل تناول الحبوب الكاملة بدلاً من الخبز الأبيض، قد تساهم في منع زيادة الوزن، وهي توصية غذائية تتفق مع الإرشادات الغذائية الحالية للولايات المتحدة الأميركيّة (DGA).
أخيرًا، قد يكون اعتمادك على المؤشر الجلايسيمي للأطعمة خطوة ممتازة للبدء في تغيير عاداتك الغذائية وتحقيق أهدافك الصحية، فالأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المنخفض متنوعة وتستطيع بها إعداد أشهى الأطباق. شارك الآن معنا في تحدي الواحد وعشرون يومًا إلى الصحة واعطِ نفسك حقها من الصحة والعافية.
المراجع